ابتسام فتاة جد جميلة .ترعرعت بين عائلة جد غنية .صيتها معروف بين الناس .والدها مشهور بشركته داخل وخارج البلاد .كبرت ابتسام ودرست ونالت عملها ووظيفتها واستقرت بشركة ابيها لمساعدته داخل وخارج الشركة تديرها فى غيابه.واصبحت يده اليمنى فى كل شىء .كانت جميلة وكل من رآها يسبح ويذكر الله .وهى جد انيقة تعرف ماذا تختار فى لبسها وكل ما ترتديه هو ذو قيمة وثراء وغالى الثمن .وهى تعرف ذلك الا انها تحب دوما ان تكون اجمل واجمل .ولا تتردد فى العناية بنفسها ولا فى لباسها خصوصا عندما يستدعى الحال زيارة او خرجة عمل او سهرة من السهرات المعهودة بين الاغنياء فقط.وحدث يوم ان جاء وفد لزيارة ابيها .واستدعاها ابوها الى جانبه كى تتطلع على اخر اعماله مع هذا الوفد. وكان من بينهم رجلا رات اباها يخصه بترحاب حار و لوحده .بعدما انهت اشغالها وودعا الوفد التفتت الى ابيها متسائلة عن الحفاوة لذلك الرجل فقط .اجابها ابوها بان ذلك الرجل هو سبب غناه وسبب ما وصل اليه من صيت :ـ فقد كنت استشيره واعتمد عليه فى كل كبيرة وصغيرة .وكان ينقذنى مرات ومرات من هفوات اما كنت اواجهها اما كانت تنصب كفخ كى اقع فيها واخسر كل شىء والحمد لله الذى سخر لى هذا الرجل فى طريقى وجعله لى عصا اتكأ عليها كلما احتجته تصورى وبدون مقابل بالمجان كان المسكين يخدمنى .واحمد الله على ان التقيت برجل تقى لا يعرف الغش ولا يجرى وراء المال. وهذا هو الذى سيجعلنى اقدم له المساعدة فى خلق شركة على قد حاله كى يبدأ .لذلك وجب على رد المعروف له بالتعاون معه واعانته اذا ما وجد مشاكل فى مسايرة شركته خصوصا وهى فى بداية الطريق.ومنذ ذلك اليوم لم تعد تسمع من ابيها غير مدح ذلك الرجل واخلاقه وعفته ومبادئه السامية .حتى تزوجته .نعم كيف؟ سبحان الله .احبته من خلا ل كلام ابيها عنه ومدحه الكثير له ولقاءاته بهم الكثيرة . ومن يدرى فقد يكون ابوها من وراء زواجها هذا .كيف تتزوج رجلا مثل هذا ؟ وهى التى يجرى من ورائها العديد ويتودد لها الكثير عن طريق ابها او بالهدايا التى تجدها فوق مكتبها ولا تدرى اغلبيتها من من ؟؟.كيف يحصل هذا الزواج كيف ؟؟؟..تزوجته واصبح زوجها وانتهى الامر.اقتنعت على ان لا تنزل من مستواها وان تبقى تلك الجميلة المتباهية باناقتها .وكل من سالها عن زوجها تجيبه بانها لن تجد شخصا اوفى منه يوفر لها سعادتها مثله .قد يكون ذلك .لكن هو يراها دائما شىء آخر .يعرفها انها طيبة ولكن غير متواضعة .ولباسها الفاخر هذا يكلف الكثير من المال .وعرف انها لن تتبدل وتعيش على قد حاله الا اذا ما ابتعدت فعلا عن جو عائلتها واصدقائها .ففكر فى الاعتزال عن عائلتها واشترى شقة كبيرة فى وسط المدينة .الى ان يجد سكنا بعدها تختاره بنفسها ويليق بها وبه .جاء الخبر كالصاعقة ولم تدر ماذا ستفعل خصوصا وان اباها شجعه على الاعتماد على نفسه ما دام يثق به كثيرا .وهوحر فى ان يعيش معهم او ان يرحل الى حيث يريد .احست ان الكل ضدها .وفكرت بعد ان تستقر فى الشقة ستكيد له بالحيل والمؤامرات لانها بنت الحسب والنسب يستقر بها المقام اخيرا الى شقة وسط العمارة بعدما تعودت جو الغنى من كل جانب .وما ان وضعت رجلها داخل الشقة اذ به يشترط عليها بانه لا يقبل بالخدم هنا ولو على حسابها .فهو الآمروالناهى هنا .ضلت ترسل اليه فقط نظرات دون كلام وكان خاطرها ينم على التحدى الذى لا تريد ان تظهره الان ولكن بعدين ...بعدين ..فكرة الاعتزال .الشقة..لا خادمة ترى الى ماذا ترمى يا سيدى الى ترك عملى لا لن اتركه واجلس فى البيت بعد كل هذا العناء والامتحانات والتفوق والاجتهاد اجلس ؟؟ لا لا لا .احس بنظراتها القاتلة فسالها : ــ ما بك ؟ اجابت : ــ انى مخنوقة .مد يده اليها وقال هيا بنا نخرج ونتجول ونتفسح قليلا .اعرف ان كل شىء اصبح عنك غريبا وما عليك الا ان تتقبلنى كما انا .ومع مرور الوقت والايام نسيت التغيير والفت شيئا ما هذا التغيير ولم تعد تثير اهتماما وانتقلت الى شركة زوجها من اجل مساعدته مما سهل عليهما الذهاب والاياب مع بعضهما .وذات يوم طرق بابها وفتحت اذا بها امام فتاة من الجيران تدعوها للحضور الى حفل العقيقة .لذلك لم تنم يوم امس من جراء التطبيل والتصفيق والزغاريد حتى اصبحت العمارة هرجا ومرجا من اصوات النساء .ارتدت ابتسام جواهرها وحليها النفيسة وملابسها الانيقة الفاخرة كعادتها .ونزلت لتبارك الدعوة لاهل العقيقة .عرفت الشقة التى يعلوها الصياح والغناء وبابها المشرع عن أخره .وخطت خطوتين فبدات نظرات كل من رآها تنزل عليها من كل صوب وحدب .استقبلتها ام السيدة حجيبة و اخذتها الى غرفة النوم حيث توجد السيدة حجيبة وبجانب المولود .صافحتها وقدمت مبلغا من المال كهدية لها وللمولود .فصاحت السيدة حجيبة هذا كثير يا سيدة ابتسام .لا لا مما احرج ابتسام واخذت تنظر اليها باستغراب( لربما كنت قد غلوت فى ثمن الهدية ) وسرعان ما انقذت نفسها للخروج من الغرفة الى صالة المدعوات المملوءة عن آخرها .يا الله كيف ستنجو من نظراتهن ؟؟ وما كاد الحفل ينتهى وتعود الى شقتها حتى كادت تختنق .وتنفست الصعداء بمجرد ما وصلت الى شقتها . ومنذ ذلك الحفل بدا كل من التقته فى السلم يلقى التحية عليها وتردها وهى لا تعرف وجوههم .وذات يوم سافر زوجها وابوها الى الخارج اثر عمل مستعجل .واستغرق عدة ايام لانهاء الصفقة وكان من عادة ابيها و حتى زوجها بعدما يطمانان عليها يقفلان هواتفهما حتى يخلدان الى الراحة ودون ازعاج من الغير قصد التطفل .حدث لها ما لم يكن بالحسبان .سقطت مريضة .احست بالم فى بطنها .اخذت الدواء معتبرة انه مغص قد يسكن بعد نصف ساعة .لكنه اشتد وزادت حدته اكثر فاكثر اقتصرت على المشى فى غرفتها ثم داخل شقتها ذهابا وايابا الى ان بدات تصرخ من حدة الالم .الذى لم ينفع معه صبر .سمعت طرقا فى الباب وتماسكت حتى وصلت اليه وفتحته .اذا بجارتها تسالها مابك يا ابتسام .لقد ايقضتنى خطواتك ذهابا وايابا وبعدها صراخك المفزع ما بك؟؟.اجابتها لست ادرى اننى اتالم كثيرا من جانبى الايمن وكانها ضربة سكين قوية يااختى .وما كادت تنهى كلامها حتى خرجت وعادت بصحبة زوجها.هيا هيا قومى سنحملك الى المستعجلات حالا وفتحت الجارة دولاب ابتسام لترى ما يبهر العين واستعادت نفسها انه ليس وقت للفرجة ولم تجد جلبابا واحدا ولا سترة .فصاحت بها ابتسام ان تحضرلها معطف اسود .رمته على كتفيها وخرجت حجيبة ورجعت بسترة لها ورمتها على راس ابتسام واسندتها حتى وصلت بها السيارة .ومن تم الى المستشفى .افصح الطبيب علىان لا بدمن اجراء عملية مستعجلة انها الزائدة ويجب استاصالها .وقام زوج جارتها بتادية مصاريف العلاج مع مساعدة الجيران كلهم .تمت العملية بنجاح واستفاقت ابتسام على وجوه لم تتذكر الا بعض منهم .قد راتهن فى الحفل .كل جاراتها هنا بجانبها يشاطرنها الالم والمرض وطلبت من زوج جارتها ان ترسل الى امها حتى تجد من يساعدها وامورها فى البيت .اما زوجها فلم تقدر على اخباره الى حين عودته شكر الزوج صنيعهم هذا وارتاح بعدما اطمان على زوجته .وخرجت من المستشفى ووجدت كل جاراتها يقمن بخدمتها الى ان تماثلت للشفاء .ولما اراد الزوج ان يقاضى الجيران على مصاريف العلاج رفضوا .كل الرفض .وامام الحاحه خرجوا من عنده وهم غاضبون منه .فعجبت ابتسام من صنيعهم .وبدات توبخ نفسها وفتحت دولابها وبدات تجمع ملابسها الفاخرة فى حقيبة .سالها زوجها .الى اين؟؟ اجابته :ـــ اريد فقط ان اتحرر من هذه الملابس التى كانت تحجبى عن الواقع .وانا التى كنت افتخر واظن اننى بها نلت المراتب العليا والقمة لم اجدنفسى تقلدت ولا منصب واحد امام ما صنعوه هؤلاء المتواضعين . اتصور لو كان الموقف وقع على احداهن فلن ترانى اقوم بما قاموا به .ولن اخطو خطوة خارج شقتى ولا ذهبت ولا سهرت جنب احداهن .ياويلى من نفسى كم كنت غبية .كنت بلباسى فقيرة .الان فهمت نظراتهن الى .الان استوعبت الدرس .كن ينظرن لى على اننى انا الفقيرة .وهن الغنيات .هن اغنى منى ليس بالمال ولا باللباس الفاخر بروحهن المعنوية و بمعاملاتهن من اجل اسعاد الغير وتقديم المساعدة حتى تكتمل سعادتهن .وانا التى كنت اتباهى بمالى انظر كيف رفضوا منك المال وكيف استعملوه لانقاذى من الموت على ان المبلغ الذى جمعوه قد لا ينقص من مالى ولا شىء .من الان فصاعدا لن تجد عندى فاخر الثياب وساتواضع امام هؤلاء الناس وساشاركهم همومهم واحزانهم وافراحهم ولن اعلو عليهم ابدا .وساعيد النظر فى حياتى كى ارحل من الفقر الذى كنت فيه الى الغنى الحقيقى الذى هو غنى النفس وليس غنى المال والثروة .